السبت، 14 ديسمبر 2013

( ....الانسان والتاريخ حاكما ومحكوما ....)

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم لايعدوا الفرد في كثير من الاحيان محكوما من قبل التاريخ يسيره بحسب ما يملي عليه من نقولات تاريخية , فمثلا تراه اليوم يكره هذا الشخص لان التاريخ اخبره بان هذا الشخص سئ ولا يستحق الاحترام وتراه يحترم شخص اخر لا لشئ فهو لم يعش معه انما التاريخ اخبره بان هذا الشخص يستحق الاحترام والتقدير وعلى هذا الاساس تراه ينتمي لهذا المعسكر او الجهة او لجهة هي بالضد من الجهة الاخرى , والامثلة في هذا المجال كثيرة لسنا بصدد سردها انما نحن بصدد بيان حالة عامة لكي نؤسس طريقة تفكير تصيب الواقع لا نتعرض فيها بالظلم الى الاخرين فنسئ في مورد كان يجب ان نحسن فيه ونعتدي في مورد كان يجب ان نسامح فيه , او ان نتبنى فكرا غير صحيح فترانا ندافع عنه وبقوة ظانين اننا ننصر الحق فاذا بنا ننصر الباطل وعلى هذا فقس , ومن هنا تتبين اهمية التاريخ فهو يتحكم في حاضرنا بهذا التقريب والتصوير, وباعتبار تحكمه في واقعنا فاكيدا سيكون مستقبلنا مبنيا على حاضرا , فالتاريخ اذن سيرسم لنا المستقبل , وهنا الخطورة اصبحت اكبر واكبر , فهؤلاء الذين ينادون بنسيان الماضي لا يعدوا ان نفهمهم على مستويين , الاول : انهم خبثاء السريرة يحاولون طمس الحقائق لكي يبقى المجتمع غارقا في الضلالات بعيدا عن طريق الصواب وهذا فيه من المصائب مافيه , والثاني : ان هؤلاء بسطاء متوهمين , يظنون انهم بذلك ينهون سنين طويلة من التوتر والعداء بين فئات عديدة في هذه الامة فيأخذون بيد الامة نحو التقدم والتطور والقاء ما مضى بين من مضى فلا ندخل انفسنا في تلك المعمعه او كما يعبرون ( ان هؤلاء قوم سيحكم الله بينهم فيثيب المحسن ويعاقب المسئ ) واما نحن فعلينا بيومنا الذي نعيش فيه , وهذا كلام غير صحيح , فالانسان الذي يعيش اليوم هو عبارة عن ارث تاريخي ممزوج بين عقيدة وفكر وظلامة وهموم امة عاشت في يوم من الايام واخلاقيات توارثتها الاجيال جيلا بعد جيل , هل ينكر احد مثلا اننا نكره فلان لانه قد ظلم فلان واعتدى عليه وسلبه حقه الشرعي , من اين تولد هذا الكره , الم ينقله التاريخ الينا , موالاة قوم الى شخص معين يفدونه اليوم بارواحهم اليس بسبب النقل التاريخي , فهم لم يعيشوا معه فتأثروا بشخصيته او باخلاقه او علمه او بأي سبب اخر , انما احبوه واحترموه وقدسوه بسبب التاريخ , ومن هنا نرى اهمية التاريخ وخطورته في تحديد حياة الانسان اليوم , فان فهمنا التاريخ بهذه الصورة ستتغير الكثير الكثير من تعاملاتنا مع الاخرين سواء الاصدقاء او الاعداء , ومن جهة اخرى ستختلف طريقة دعوتنا للاخرين الى الدين او المذهب الذي نحن عليه ذلك ان نظرتنا الى وضعه ستتغير فلا نتعامل معه على اساس انه عدو يجب القضاء عليه باي صورة كانت , انما سنتعامل معه على اساس انه انسان طيب لكنه مغرر به وخدع بشئ كبير اسمه التاريخ , فان وصلنا الى هذه المرحلة من التعامل مع الاخرين سنكون متحكمين بالتاريخ ضمن ضوابط عقلية وشرعية لا محكومين من قبل التاريخ بأملائاته وتوجهاته المختلفة . والله ولي التوفيق انه نعم المولى ونعم النصير .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق