الأربعاء، 23 أكتوبر 2013

تأملات مستفادة من آية التبليغ بمناسبة عيد الغدير الاغر

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم ,

بسم الله الرحمن الرحيم

 ( يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك ، وإن لم تفعل فما بلغت رسالته ، والله يعصمك من الناس ، إن الله لايهدي القوم الكافرين ) . سورة المائدة الاية 67 .

 في تفسير هذه الاية المباركة اختلف المسلمون فالشيعة الامامية ذهبوا الى انها نزلت في غدير خم وتشير بكل وضوح الى تنصيب امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام اماما للمسلمين بعد النبي صلى الله عليه واله , اما المخالفين فقد قالوا بعدة اقوال تجتمع في صرف هذه الاية عن موضوعها الحقيقي وهو تنصيب امير المؤمنين عليه السلام اماما ومولى للمؤمنين وحاولوا وبكل طريقة حرف الاية عن مسارها الصحيح , فمثلا قالوا : 1- ان الاية نزلت بشأن اليهود والنصارى ووجوب ان يبلغهم النبي صلى الله عليه واله ودليل ذلك سياق الاية الكريمة المتقدم على المذكور آنفا والمتأخر عنه , ورد هذا الادعاء ان الاية نزلت في نهايات دعوة النبي وقبل شهرين تقريبا من وفاته ومن جهة ثانية فان اليهود قد زال خطرهم عن الاسلام خصوصا في تلك المنطقة وقد دخل الكثير منهم في الاسلام . 2- انه امر بتبليغ رسالة الاسلام وهذا القول من المضحكات فكأن الكلام يكون هكذا ( ان لم تبلغ الرسالة فلم تبلغ الرسالة ) واي معنى يكون هنا افمن اجل هذا يخاطب المولى سبحانه وتعالى نبيه بهذه الشدة ان صح التعبير معتبرا اياه لم يبين الرسالة وستصادر كل جهوده لو لم يقل اني بعثت بهذه الرسالة اي منطق هذا , وكما قلنا ان الاية نزلت في اخريات حياة النبي , ابعد هذا الزمان الطويل من التبليغ والجهاد ياتي امر بالتبليغ فكيف يكون هذا . 3- ان الاية نزلت من اجل ان النبي وكما يذكر الفخر الرازي في احد الوجوه التي يطرحها نزلت بشأن اية التخيير الخاصة بزوجات النبي واي كلام هذا ولو افترضنا ان النبي لم يعرض الامر عليهن قوله من ارادت البقاء معه او من ارادت الابتعاد عنه فسيسرحها سراحا جميلا فأن لم يخيرهن النبي صلى الله عليه واله تذهب جهوده سدى في تبليغ الرسالة اي منطق هذا , لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم . 4- اما ابن كثير فقد ابدع في تفسير هذه الاية فذهب الى انها نزلت بشأن القصة المعروفة حين امر النبي عليا إصنع لي رجل شاة بصاع من طعام وإناء لبناً ، وادع لي بني هاشم وطلب منهم ان يعينوه فان تعرض لسوء دافعوا عنه فان قتل قضوا عنه دينه . يا ابن كثير امن اجل ان تبعد معنى الاية في تولية علي عليه السلام بعد النبي صلى الله عليه واله تتهم النبي بانه ضعيف وجبان واراد الاستعانه فحين فشل بسبب اعراض قريش عنه وعده الله بانه سيحفظه من كل سوء ياتيه من الناس اهكذا عقيدتك برسول الله خير خلق الله , انا لله وانا اليه راجعون ولن اطيل فلا يحتاج الى رد فالمفهوم من ادنى درجات التامل بالاية غير ذلك والسياق القراني لا يساعد على ذلك ووقت نزول الاية مختلف كليا وبعيد عن وقت هذه الحادثة وهذا باختصار شديد فالامر لا يحتاج الى اطالة ومزيد بيان . 5- انها نزلت بعد تعرض النبي صلى الله عليه واله لعملية اغتيال , وكل هذه الوجوه وغيرها لم نوردها هنا لوهنها وضعفها حتى عد الفخر الرازي منها عشرة تقريبا محاولا ابعاد اذهان العامة عن المعنى الحقيقي لهذه الاية المباركة وقد ذكر الفخر رأي الشيعة في اخر المطاف لكي يشوش على ذهن القارئ فتضيع حقيقة فضيلة الامير عليه السلام ولكن يأبى الله الا ان يتم نوره , فالمتأمل بالاية الشريفة سيجد عدة امور نذكر منها ما يبين انها قد نزلت نصا في شأن امامة امير المؤمنين عليه السلام وتنصيبه من الله تعالى خليفة للنبي صلى الله عليه واله , وبعد ألتأمل في الاية الكريمة سيتبين لنا الاتي : 1- الخطاب جاء بعنوان ايها الرسول انك مأمور في هذه الفترة ببيان أمر متوقع حدوثه أي ان الشئ الذي امرت به اظهره للناس ولا تخف فهو من عند الله تعالى وليس من عندياتك والله ناصرك ومعينك . 2- لا أشكال ان الاية في سورة المائدة وهي من اواخر مانزل على النبي صلى الله عليه واله بأتفاق المسلمين من كلا الطرفين والتبليغ حصل في السنة العاشرة للهجرة اي في اواخر حياة النبي صلى الله عليه واله . 3- ( بلغ ما أنزل اليك وان لم تفعل ) لا توجد أية بهذه الشدة في الخطاب الالهي تجاه النبي صلى الله عليه واله وهذا يدل على امر خطير بحيث انك لو لم تأمر به وتبينه للناس فكل جهدك واذيتك ستذهب سدى . 4- ( والله يعصمك من الناس ) ففيها توقع ان بعد هذا التبليغ سيكون النبي صلى الله عليه واله في خطرمن قبل الناس فالاية تطمئنه من هذه الناحية فالامر الذي سيبلغه اذن سيحدث ضجه وبلبلة بين المسلمين انفسهم وليس بين غيرهم فتأمل . والمعنى الاخر ان الهدف من الرسالة الاسلامية والذي هو الهداية للبشر لن يتحقق الا بالامر والغاية المقصود توصيلها وأمر الناس بها وهي الامامة فليس هناك حافظ امين على اهداف الرسالة الا الامام بعد النبي صلى الله عليه واله فلولاه لانقطع الاتصال بين الارض والسماء . 5- التخوف الموجود عند النبي صلى الله عليه واله ليس من جانب الخوف من القتل او على اهله او على مصالحه الشخصية فهو قد وضع كل ذلك ومنذ سنين طويلة امام خدمة الرسالة حتى قال ما اوذي نبي مثلما اوذيت . بعد هذا الاستعراض المبسط للتأمل البسيط في الاية الكريمة نجد انه لا مفر من القول بمقالة الشيعة الامامية بشأن تفسير اية التبليغ والذي مفاده انها نزلت لبيان خليفة النبي صلى الله عليه واله وانه بالنص ومعين من قبل الله تعالى واولهم امير المؤمنين علي بن ابي طلب عليه لسلام  .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق