الأحد، 19 يونيو 2011

خطبة السيدة زينب عليها السلام في اهل الكوفة

في اللهوف لابن طاووس قال بشير بن خزيم الاسدي : ونظرت الى زينب بنت علي عليه السلام ولم ار والله خفرة 1 قط انطق منها كانما تفرغ على لسان امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام . وقد اومات الى الناس ان اسكتوا فارتدت الانفاس وسكنت الاجراس ,
ثم قالت عليها السلام : الحمد لله والصلاة على ابي محمد رسول الله واله الطيبين الاخيار ال الله .
اما بعد يااهل الكوفة يااهل الختل والغدر اتبكون فلا رقات الدمعة ولا هدات الرنة انما مثلكم كمثل ( كالتي نقضت غزلها من بعد قوة انكاثا تتخذون ايمانكم دخلا بينكم ) الا وهل فيكم الا الصلف والنطف والعجب والكذب والشنف وملق الاماء وغمز الاعداء او كمرعى على دمنة او كقصة على ملحودة الا بئس ماقدمت لكم انفسكم ان سخط الله عليكم وفي العذاب انتم خالدون . اتبكون وتنتحبون اي والله فابكوا كثيرا واضحكوا قليلا فلقد ذهبتم بعارها وشنارها ولن ترحضوها بغسل بعدها ابدا وانى ترحضون قتل سليل خاتم النبوة ومعدن الرسالة ومدرة حجتكم وملاذ خيرتكم ومفزع نازلتكم وسيد شباب اهل الجنة الا ساء ماتزرون .
فتعسا ونكسا وبعدا لكم وسحقا فلقد خاب السعي وتبت الايدي وخسرت الصفقة وبؤتم بغضب من الله ورسوله وضربت عليكم الذلة والمسكنة ويلكم يا اهل الكوفة اتدرون اية كبد لرسول الله فريتم واي كريمة له ابرزتم واي دم له سفكتم واي حرمة له انتهكتم ( لقد جئتم شيئا ادا تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الارض وتخر الجبال هدا ) وقد اتيتم بها صلعاء عنقاء سوداء فقماء خرقاء شوهاء كطلاع الارض او ملئ السماء افعجبتم ان مطرت السماء دما ولعذاب الاخرة اخزى وهم لاينصرون فلا يستخفنكم المهل فانه عز وجل لايحفزه البدار ولا يخاف فوت الثار وان ربكم لبلمرصاد .
فقال لها الامام السجاد عليه السلام : اسكتي ياعمة ففي الباقي عن الماضي اعتبار وانت بحمد الله عالمة غير معلمة فهمة غير مفهمة ان البكاء والحنين لايردان من قد اباده الدهر فقطعت العقيلة الكلام . فالسلام عليها يوم ولدت ويوم سبيت ويوم ماتت ويوم تبعث حيا .

الأحد، 5 يونيو 2011

تفسير الاحلام

تكلمنا في وقت سابق عن بعض فوائد الرؤيا وهنا سنكمل ماقلناه هناك فمن فوائدها انها ترفع استبعاد بعض منكري الصانع جل وعلا ووجود غائب منزه عن جميع العوارض من جهة انحصار الموجود عندهم اي المنكرين فيما يدرك بالحواس الظاهرة .
وبهذا استدل مولانا كشاف الحقائق امامنا الصادق عليه السلام في رسالة الاهليلجه بعد كلام طويل في دفع شبه الطبيب الهندي فقال اي الطبيب قد اتيتني من ابواب لطيفه بما لم ياتني به احد غيرك الا انه لايمنعني من ترك مافي يدي الا الايضاح والحجه القويه بما وصفت لي وفسرت . قلت : اما اذا حجبت عن الجواب واختلف منك المقال فساتيك من الدلالة من قبل نفسك خاصة مايستبين لك ان الحواس لاتعرف شيئا الا بالقلب فهل رايت في المنام انك تاكل وتشرب حتى وصلت لذة ذلك الى قلبك ؟ قال : نعم .
قلت : فهل رايت انك تضحك وتبكي وتجول في البلدان التي لم ترها والتي قد رايتها حتى تعلم معالم ما رايت منها , قال : نعم ما لااحصي .
قلت : فهل رايت احدا من اقاربك من اخ او اب او ذي رحم قد مات قبل ذلك حتى تعلمه وتعرفه كمعرفتك اياه قبل ان يموت ؟ قال : اكثر من الكثير . قلت فاخبرني اي من حواسك ادرك هذه الاشياء في منامك حتى دلت قلبك على معاينة الموتى وكلامهم واكل طعامهم والجولان في البلدان والضحك والبكاء وغير ذلك ؟ قال : ما اقدر ان اقول لك اي حواسي ادرك ذلك او شيئا منه , وكيف تدرك وهي بمنزلة الميت لاتسمع ولا تبصر , قلت : فاخبرني حيث استيقظت الست قد ذكرت الذي رايت في منامك تحفظه وتقصه بعد يقضتك على اخوانك لاتنسى منه حرفا ؟ قال : انه كما تقول , وربما رايت الشئ في منامي ثم لا امسي حتى اراه في يقظتي كما رايته في منامي , قلت : فاخبرني اي حواسك قررت علم ذلك في قلبك حتى ذكرته بعدما استيقظت ؟ قال : ان هذا الامر ما دخلت فيه الحواس , قلت : افليس ينبغي لك ان تعلم حيث بطلت الحواس في هذا ان الذي عاين تلك الاشياء وحفظها في منامك قلبك الذي جعل الله فيه العقل الذي احتج به على العباد ؟ قال : ان الذي رايت في منامي ليس بشئ , انما هو بمنزلة السراب الذي يعاينه صاحبه وينظر اليه لايشك فيه انه ماء فاذا انتهى الى مكانه لم يجده شيئا , فما رايت في منامي فبهذه المنزلة , قلت : كيف شبهت السراب بما رايت في منامك من اكلك الطعام الحلو والحامض وما رايت من الفرح والحزن ؟ قال : لان السراب حيث انتهيت الى موضعه صار لاشئ وكذلك صار ما رايت في منامي حين انتبهت , قلت : فاخبرني ان اتيتك بامر وجدت لذته في منامك وخفق لذلك قلبك الست تعلم ان الامر كما وصفت لك ؟ قال : بلى , قلت فاخبرني هل احتلمت قط حتى قضيت في امراة نهمتك عرفتها ام لم تعرفها ؟ قال بلى مالااحصيه , قلت : الست وجدت لذلك لذة على قدر لذتك في يقضتك , فتنتبه وقد انزلت الشهوة حتى يخرج منك بقدر ما يخرج منك في اليقظة ؟ هذا كسر لحجتك في السراب ؟ قال: مايرى المحتلم في منامه شيئا الا ماكانت حواسه دلت عليه في اليقظه , قلت : مازدت على ان قويت مقالتي وزعمت ان القلب يعقل الاشياء ويعرفها بعد ذهاب الحواس وموتها , فكيف انكرت ان القلب يعرف الاشياء وهو يقظان مجتمعة له حواسه وما الذي عرفه اياها بعد موت الحواس وهو لايسمع ولا يبصر ؟ ولكنت حقيقا ان لاتنكر له المعرفه وحواسه حية مجتمعة اذا اقررت انه ينظر الى الامراة بعد ذهاب حواسه حتى نكحها , واصاب لذته منها فينبغي لمن يعقل حيث وصف القلب بما وصفه من معرفته بالاشياء والحواس ذاهبة ان يعرف ان القلب مدبر الحواس وملكها وراسها والقاضي عليه فانه ماجهل الانسان من شئ فما يجهل ان اليد لاتقدر على العين ان تقلعها ولا على اللسان ان تقطعه وانه ليس يقدر شئ من الحواس ان يفعل بشئ من الجسد شيئا بغير اذن القلب ودلالته وتدبيره لان الله تبارك وتعالى جعل القلب مدبرا للجسد به يسمع وبه يبصر وهو القاضي والامير عليه لايتقدم الجسد ان هو تاخر ولا يتاخر ان هو تقدم وبه سمعت الحواس وابصرت ان امرها ائتمرت وان نهاها انتهت وبه ينزل الفرح والحزن وبه ينزل الالم ان فسد شئ من الحواس بقي على حاله وان فسد القلب ذهب جميعا حتى لايسمع ولايبصر > . انتهى موضع الحاجه من كلامه الشريف وبهذه الرواية المباركة راينا كيف ان الامام تمكن من خلال الرؤيا اثبات وجود الله عز وجل وقدرته واثبات المعاد وغيره من الفوائد التي اذهلت ذلك الطبيب الهندي .

السبت، 4 يونيو 2011

تفسير الاحلام

لحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين ,

 اما بعد استطرادا على ما قلناه في المقالة السابقه في تفسير الاحلام ننقل بعض ماقاله العلماء الاعلام جزاهم الله خيرا ورايت فيه مايكفي فقالوا

 < ان الرؤيا من الايات الانفسيه التي فيها فوائد جميله وحكم جليلة جعلها الله تعالى طريقا الى معرفة الكثير من المطالب الصعبه المهمه وسبيلا الى بلوغ جملة من المسائل العويصه الدائره في الامة التي جل خطبها وعظم قدرها وصعب حلها معرفة تسفر بها عن وجه الحقيقه ولا يحتاج صاحبها الى المقالات الجدلية وبلوغا يطمئن به القلب عن التزلزل والاضطراب ويدخل صاحبه في زمرة اولي الالباب >

الجمعة، 3 يونيو 2011

احاديث نبويه تبين خطورة دعوة المظلوم عسى ان تنبه الظالمين من غفلتهم

عن النبي <صلى الله عليه واله وسلم > : < اتق دعوة المظلوم فانما يسال الله تعالى حقه وان الله تعالى لايمنع ذا حق حقه >
وعنه ص : < دعوة المظلوم مستجابة وان كان فاجرا ففجوره على نفسه >
وعنه ص :< اجتنبوا دعوات المظلوم ما بينها وبين الله حجاب >
وعنه ص : < اتقوا دعوة المظلوم فانها تحمل على الغمام يقول الله تعالى وعزتي وجلالي لانصرنك ولو بعد حين >
وعنه  : < اتقوا دعوة المظلوم فانها تصعد الى السماء كانها شرارة >
وعنه : < من دعا على من ظلمه فقد انتصر >
هذه بعض الاخبار التي اثرت عن النبي صلى الله عليه واله في استجابة دعوة المظلومين والمظطهدين الذين لا يجدون ناصرا ولا مغيثا الا الله تعالى .

الأربعاء، 1 يونيو 2011

من مواعظ امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام العظيمه المؤثره

اخوتي الاعزاء ارجو قراتها جيدا واسالكم الدعاء
عن نوف البكالي ، قال : عرضت لي إلى أمير المؤمنين عليه السلام حاجة، فاستسعيت إليه جندب بن زهير والربيع بن خيثم وابن أخيه همام بن عبادة، وكان من أصحاب البرانس ، فأقبلنا معتمدين لقاء أمير المؤمنين ، فألفيناه حين خرج إلى المسجد، فأفضى ونحن معه إلى نفر قد أفاضوا في الأحدوثات تفكهاً، فلما أشرف لهم أسرعوا إليه قياماً، فسلموا فرد التحية ثم قال : «من القوم ؟» .
قالوا: اُناس من شيعتك ، يا أمير المؤمنين .
فقال لهم خيرا، ثم قال : «يا هؤلاء، مالي لا أرى فيكم سمة الشيعة وحليتهم ؟» فأمسك القوم حياء، قال نوف : فأقبل عليه جندب والربيع فقالا: ما سمة شيعتكم ، يا أمير المؤمنين ؟ فتثاقل عن جوابهما وقال : «اتقيا الله - أيها الرجلان - وأحسنا، فإن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون » فقال همام بن عبادة - وكان عابداً متزهداً مجتهداً - : أسألك بالذي أكرمكم -أهل البيت - وخصكم وحباكم وفضلكم تفضيلاً لما انبأتنا بصفة شيعتكم ؟ فقال : «لا تقسم فسأنبئكم جميعاً» وأخذ بيد همام فدخل المسجد فصلى ركعتين أوجزهما وأكملهما، ثم جلس وأقبل علينا، وحف القوم به ، فحمد الله وأثنى
عليه ، وصلى على النبي صلى الله عليه واله ، ثم قال :
«أما بعد: فإن الله - جل ثناؤه ، وتقدست أسماؤه - خلق خلقه فألزمهم عبادته ، وكلّفهم طاعته ، وقسم بينهم معايشهم ، ووضعهم في الدنيا بحيث وضعهم ، وهوفي ذلك غني عنهم ، لا تنفعه طاعة من أطاعه ، ولا تضرِّه معصية من عصاه منهم ، لكنه علم تعالى قصورهم عمّا تصلح عليه شؤونهم ، وتستقيم به دهماؤهم في عاجلهم وآجلهم ، فارتبطهم بإذنه في أمره ونهيه ، فأمرهم تخييراً، وكلّفهم يسيراً، وأثابهم كثيراً، وأماز بينهم سبحانه بعدل حكمه وحكمته ، بين الموجف من أنامه إلى مرضاته ومحبته ، وبين المبطئ عنها والمستظهر منهم على نعمته بمعصيته ، فذلك قول الله عز وجل :( ام حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين امنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون).
ثم وضع أمير المؤمنين صلوات الله عليه يده على منكب همام بن عبادة فقال : «ألا من سأل عن شيعة أهل البيت ، الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم في كتابه مع نبيه تطهيراً، فهم العارفون بالله، العاملون بأمر الله ، أهل الفضائل والفواضل ، منطقهم الصواب ، وملبسهم الاقتصاد، ومشيهم التواضع ، بخعوا( لله تعالى بطاعته ، وخضعوا له بعبادته ، فمضوا غاضين أبصارهم عمّا حرّم الله عليهم ، واقفين أسماعهم على، العلم بدينهم ، نزلت أنفسهم منهم في البلاء كالذي نزلت منهم في الرخاء، رضى منهم لله بالقضاء، فلولا الآجال التي كتب الله لهم ، لم تستقر أرواحهم في أجسادهم طرفة عين ، شوقاَ إلى لقاء الثواب ، وخوفاً من العقاب ، عظم الخالق في أنفسهم ، وصغر ما دونه عينهم ، فهم والجنة كمن قد رآها، فهم على أرائكها متكئون ، وهم والنار كمن قد دخلها، فهم فيها معذّبون ، قلوبهم محزونة، وشرورهم مأمونة، وأجسادهم نحيفة، وحوائجهم خفيفة، وأنفسهم عفيفة، وومعونتهم في الإسلام عظيمة، صبروا أياماً قليلة فأعقبتهم راحة طويلة، وتجارة مربحة يسّرها لهم رب كريم .
اُناس أكياس ، أرادتهم الدنيا فلم يُريدوها ، ووطلبتهم فأعجزوها ، أمّا الليل فصافّون أقدامهم ، تالون لأجزاء القران يرتلونه ترتيلاً، يعظون أنفسهم بأمثاله ، يستشفون
لدائهم بدوائه تارة، وتارة مفترشون جباههم وأكفهم وركبهم وأطراف أقدامهم ، تجري دموعهم على خدودهم ، يمجّدون جباراً عظيماً، ويجأرون إليه - جلّ جلاله - في فكاك رقابهم .
هذا ليلهم ، وأمّا النهار فحلماء علماء، بررة أتقياء، براهم خوف بارئهم ، فهم أمثال القداح ، يحسبهم الناظر إليهم مرضى وما بالقوم من مرض ، أوقد خولطوا وقد خالط القوم من عظمة ربهم وشدة سلطانه أمر عظيم ، طاشت له قلوبهم ، وذهلت منه عقولهم ، فإذا استقاموا من ذلك بادروا إلى الله تعالى بالأعمال الزاكية، لا يرضون له بالقليل، ولا يستكثرون له الجزيل ، فهم لأنفسهم متّهمون ، ومن أعمالهم مشفقون ، إن بهي أحدهم خاف مما يقولون ، وقال : أنا أعلم بنفسي من غيري ، وربي أعلم بي ، اللهم لا تؤاخذني بما يقولون ، فاجعلني خيراً مما يظنون ، واغفر لي مالا يعلمون ، فإنك علام الغيوب وساتر العيوب .
هذا، ومن علامة أحدهم أن ترى له قوة في دين ، وحزماً في لين ، وإيمانا في يقين ، وحرصاً على علم ، وفهماً في فقه ، وعلماً في حكم ، وكيساً في رفق ، وقصداً في غنى، وتجملاً في فاقة، وصبراً في شدة، وخشوعاً في عبادة، ورحمة للمجهود، وإعطاءَ في حق ، ورفقاً في كسب ، وطلباً في حلال ، وتعفّفاَ في طمع ، وطمعاً في غير طبع - أي دنس - ونشاطاً في هدى، واعتصاماَ في شهوة، وبراً في استقامة، لا يغرّه من جهله ، ولا يدع أحصاء ما عمله ،يستبطئ نفسه في العمل ، وهومن صالح عمله على وجل ، يصبح وشغله الذكر، ويمسي وهمّه الفكر، يبيت حذراً من سنة الغفلة، ويصبح فرحاً لما أصابه من الفضل والرحمة، إن استصعبت عليه نفسه فيما يكره ، لم يعطها سؤلها فيما إليه تشره ، ورغبته فيما يبقى ، وزهادته فيما يفنى، قد قرن العلم بالعمل ، والعمل بالحلم ، يظل دائماً نشاطه ، بعيداَ كسله ، قريباً أمله ، قليلاً زلَله ، متوقعاً أجله ، خاشعاً قلبه ، ذاكراً ربه ، قانعةً نفسه ، غارباً جهله ، محرزاً دينه ، ميتاَ داؤه كاظماً غيظه ، صافياً خلقه ، امناً منه جاره ، سهلا امره ، معدوماً كبره ، ثبتاً صبره ، كثيراً ذكره ،
لا يعمل شيئاً من الخير رياء، ولا يتركه حياءً، الخير منه مأمول ، والشر منه مأمون ، إن كان بين الغافلين كّتب من الذاكرين ، وإن كان بين الذاكرين لم يكتب من الغافلين .
يعفو عمن ظلمه ، ويعطي من حرمه ة ويصل من قطعه ، قريباً معروفه ، صادق قوله ، حسن فعله ، مقبل خيره ، مدبر شره ، غائب مكره ، في الزلازل وقور، وفي المكاره صبور وفي الرخاء شكور، لا يحيف على ما يبغض ، ولا يأثم فيمن يحب ، ولا يدّعي ما ليس له ، ولا يجحد ما عليه ، يعترف بالحق قبل أن يشهد به عليه ، لا يضيع ما استحفظ ، ولا ينابز بالألقاب ، لا يبغي على أحد، ولا يغلبه الحسد، ولا يضار بالجار، ولا يشمت بالمصاب ، مؤد للأمانات ، عامل بالطاعات ، سريع إلى الخيرات ،بطيء عن المنكرات ، يأمر بالمعروف ويفعله ، وينهى عن المنكر ويجتنبه ، لا يدخل فى الأمور بجهل ، ولا يخرج من الحق بعجز، إن صمت لم يعبه الصمت ، وإن نطق لم يعبه اللفظ ، وإن ضحك لم يعلُ به صوته ، قانع بالذي قدر له ، لا يجمح به الغيظ ، ولا يغلبه الهوى، ولا يقهره الشح .
يخالط الناس ليعلم ويفارقهم ليسلم ، يتكلم ليغنم ، ويسأل ليفهم ، نفسه منه في عناء، والناس منه في راحة، أراح الناس من نفسه ، وأتعبها لآخرته ، إن بُغي عليه صبر ليكون الله هو المنتصر له ، يقتدي بمن سلف من أهل الخير قبله ، فهو قدوة لمن خلف من طالب البر بعده .
اُولئك عمال الله ، ومطايا أمره وطاعته وسرج أرضه وبريته ، اُولئك شيعتنا وأحبتنا ، ألا، ها شوقاً إليهم » .
فصاح همام بن عبادة صيحة ووقع مغشياً عليه ، فحركوه فإذا هو قد فارق الدنيا رحمة الله عليه . واستعبر الربيع باكياً وقال : لأسرع ما أودت موعظتك - يا أمير المؤمنين - بابن أني ، ولوددت اني بمكانه .
فقال أمير المؤمنين عليه السلام : «هكذا تصنع المواعظ البالغة بأهلها ، أما - والله - لقد كنت أخافها عليه» .