الأحد، 5 يونيو 2011

تفسير الاحلام

تكلمنا في وقت سابق عن بعض فوائد الرؤيا وهنا سنكمل ماقلناه هناك فمن فوائدها انها ترفع استبعاد بعض منكري الصانع جل وعلا ووجود غائب منزه عن جميع العوارض من جهة انحصار الموجود عندهم اي المنكرين فيما يدرك بالحواس الظاهرة .
وبهذا استدل مولانا كشاف الحقائق امامنا الصادق عليه السلام في رسالة الاهليلجه بعد كلام طويل في دفع شبه الطبيب الهندي فقال اي الطبيب قد اتيتني من ابواب لطيفه بما لم ياتني به احد غيرك الا انه لايمنعني من ترك مافي يدي الا الايضاح والحجه القويه بما وصفت لي وفسرت . قلت : اما اذا حجبت عن الجواب واختلف منك المقال فساتيك من الدلالة من قبل نفسك خاصة مايستبين لك ان الحواس لاتعرف شيئا الا بالقلب فهل رايت في المنام انك تاكل وتشرب حتى وصلت لذة ذلك الى قلبك ؟ قال : نعم .
قلت : فهل رايت انك تضحك وتبكي وتجول في البلدان التي لم ترها والتي قد رايتها حتى تعلم معالم ما رايت منها , قال : نعم ما لااحصي .
قلت : فهل رايت احدا من اقاربك من اخ او اب او ذي رحم قد مات قبل ذلك حتى تعلمه وتعرفه كمعرفتك اياه قبل ان يموت ؟ قال : اكثر من الكثير . قلت فاخبرني اي من حواسك ادرك هذه الاشياء في منامك حتى دلت قلبك على معاينة الموتى وكلامهم واكل طعامهم والجولان في البلدان والضحك والبكاء وغير ذلك ؟ قال : ما اقدر ان اقول لك اي حواسي ادرك ذلك او شيئا منه , وكيف تدرك وهي بمنزلة الميت لاتسمع ولا تبصر , قلت : فاخبرني حيث استيقظت الست قد ذكرت الذي رايت في منامك تحفظه وتقصه بعد يقضتك على اخوانك لاتنسى منه حرفا ؟ قال : انه كما تقول , وربما رايت الشئ في منامي ثم لا امسي حتى اراه في يقظتي كما رايته في منامي , قلت : فاخبرني اي حواسك قررت علم ذلك في قلبك حتى ذكرته بعدما استيقظت ؟ قال : ان هذا الامر ما دخلت فيه الحواس , قلت : افليس ينبغي لك ان تعلم حيث بطلت الحواس في هذا ان الذي عاين تلك الاشياء وحفظها في منامك قلبك الذي جعل الله فيه العقل الذي احتج به على العباد ؟ قال : ان الذي رايت في منامي ليس بشئ , انما هو بمنزلة السراب الذي يعاينه صاحبه وينظر اليه لايشك فيه انه ماء فاذا انتهى الى مكانه لم يجده شيئا , فما رايت في منامي فبهذه المنزلة , قلت : كيف شبهت السراب بما رايت في منامك من اكلك الطعام الحلو والحامض وما رايت من الفرح والحزن ؟ قال : لان السراب حيث انتهيت الى موضعه صار لاشئ وكذلك صار ما رايت في منامي حين انتبهت , قلت : فاخبرني ان اتيتك بامر وجدت لذته في منامك وخفق لذلك قلبك الست تعلم ان الامر كما وصفت لك ؟ قال : بلى , قلت فاخبرني هل احتلمت قط حتى قضيت في امراة نهمتك عرفتها ام لم تعرفها ؟ قال بلى مالااحصيه , قلت : الست وجدت لذلك لذة على قدر لذتك في يقضتك , فتنتبه وقد انزلت الشهوة حتى يخرج منك بقدر ما يخرج منك في اليقظة ؟ هذا كسر لحجتك في السراب ؟ قال: مايرى المحتلم في منامه شيئا الا ماكانت حواسه دلت عليه في اليقظه , قلت : مازدت على ان قويت مقالتي وزعمت ان القلب يعقل الاشياء ويعرفها بعد ذهاب الحواس وموتها , فكيف انكرت ان القلب يعرف الاشياء وهو يقظان مجتمعة له حواسه وما الذي عرفه اياها بعد موت الحواس وهو لايسمع ولا يبصر ؟ ولكنت حقيقا ان لاتنكر له المعرفه وحواسه حية مجتمعة اذا اقررت انه ينظر الى الامراة بعد ذهاب حواسه حتى نكحها , واصاب لذته منها فينبغي لمن يعقل حيث وصف القلب بما وصفه من معرفته بالاشياء والحواس ذاهبة ان يعرف ان القلب مدبر الحواس وملكها وراسها والقاضي عليه فانه ماجهل الانسان من شئ فما يجهل ان اليد لاتقدر على العين ان تقلعها ولا على اللسان ان تقطعه وانه ليس يقدر شئ من الحواس ان يفعل بشئ من الجسد شيئا بغير اذن القلب ودلالته وتدبيره لان الله تبارك وتعالى جعل القلب مدبرا للجسد به يسمع وبه يبصر وهو القاضي والامير عليه لايتقدم الجسد ان هو تاخر ولا يتاخر ان هو تقدم وبه سمعت الحواس وابصرت ان امرها ائتمرت وان نهاها انتهت وبه ينزل الفرح والحزن وبه ينزل الالم ان فسد شئ من الحواس بقي على حاله وان فسد القلب ذهب جميعا حتى لايسمع ولايبصر > . انتهى موضع الحاجه من كلامه الشريف وبهذه الرواية المباركة راينا كيف ان الامام تمكن من خلال الرؤيا اثبات وجود الله عز وجل وقدرته واثبات المعاد وغيره من الفوائد التي اذهلت ذلك الطبيب الهندي .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق